العدوانية لدى الطفل

من مظاهر الطفولة ايضاً “النزعة العدوانية”، فالميل الى الاعتداء واسع الانتشار بين الأطفال، وهو يعد احد مظاهر الغضب عند الطفل، وفي التصرف العدواني دلالة واضحة على اخفاق الطفل في تعلم الاستجابات الدالّة على التكيّف السوي، والحكمة تفرض على المجتمعات كافة وعلى المربين النزوع الى الأساليب التي تساعد في الحد من مثل هذه النزعات. من الطبيعي ان يتعرض الطفل الى العقاب حين يتصرف بشكل عدائي، فالعقاب عامل من عوامل تذكير المسيئ بما قد ارتكبه، لكن العقوبة يجب ألا تطبق بحق الطفل الذي لم يتجاوز الثالثة من عمره، فهو في مثل هذه السن يكون غير قادر بعد على التمييز بين الصواب والخطأ، لكن العقاب أحياناً قد يكون ضرورياً وإن بصورة بسيطة، إذا بات سلوكه العدواني عادة متحكمة به. ونحن نعرف أن الطفل يتعلم بالقدرة، ونعرف أيضاً أنه كي يتم فهم الطفل يجب التعرف على كيفية تفكيره وعلى أحاسيسه ومشاعره والإلمام بها، خصوصاً أن اهتماماته تتصل أمتن الإتصال بانفعالاته واستعداداته العامة.. ولعل أهم ما يميز الطفل انفعالياً ويؤثر على تصرفاته: عدم الاستقرار النفسي وسرعة الاحراج.. وعلى الأرجح يكون السلوك العدواني وليد تعرّض الطفل لمواجهة معارضة، أو، لاختلاطه مع رفاق السوء، فالمخالطة السيئة تكسب الطفل العادات السلبية. وأحياناً تكون ضروب التربية التي يتلقاها الطفل هي المسببة للسلوك العدواني، فالقسوة الشديدة تؤذي أحاسيس الطفل ويتعلم منها قسوة التصرف. أخيراً في حدود الأسرة يتعلم الطفل دروسه السلوكية الأولى، ويحذر علماء النفس من المبالغة في إظهار الحنان والحب، باعتبار أن ذلك من العوامل المشجعة على الاعتداء وأذية الآخر. فالطفل حين يجد أن أهله لا يحاسبانه على أخطائه ينجرف في التصرفات الطائشة. كما أن الإحباط، يعتبر أيضاً من المصادر التي تحد من نشاط الطفل وتنمي لديه الكآبة النفسية، وهذا يجعله يعمد الى انتهاج الاعتداء كتعويض عما يلم به من مشاعر العجز، إذ لا شيء أشد وطأة على نفس الطفل من المواقف التي يشعر فيها أنه أمام تحد مباشر يعجز عن مواجهته.. وقد تصدر عن الطفل تصرفات تأخذ مظاهر شتى: الغش، السرقة، الكذب… الخ، وهي تصرفات تدل على أن الولد لم يتلق التربية التي تثقف أخلاقه وتقوّم سلوكه. إن كل مرحلة يقطعها الطفل تعتبر ركناً أساسياً في تدرجه في الحياة الاجتماعية، وهو في كل مرحلة يجد نفسه إزاء مواقف جديدة عليه أن يكتسب منها خبرات لم يعهدها من قبل، وهذا جانب له أهميته البالغة خلال مدارج نموّه، وعلى الأبوين تهيئته نفسياً وفكرياً ووجدانياً ليكون قادراً على التكيّف مع الواقع بموضوعية. ففي الطفولة، تتكوّن العادات السلوكية وتتشكل الأخلاق، وبقدر حكمة المربين، بقدر ما يفوز المجتمع بجيل إيجابي في أخلاقه وسلوكه.