ينشأ الطفل وهو يتصف بشيء من العناد والتمنّع عن الإنصياع الى ما يقتضيه نظام البيت والمجتمع من طاعة وتهذيب، وتظهر مظاهر العناد وبوادره بين العام الأول والعام الرابع من حياته، ويكون ظهوره أول الأمر على صورة تردد بسيط في تنفيذ ما يُطلب منه تنفيذه، ولكنه قد يتخذ شكل عادة يصعب استئصالها في ما بعد. ويتخذ مظهر العناد لوناً من ألوان الانتصار للذات عندما يجد الطفل أنه لا يحظى بالرعاية والاحترام من جانب أبويه أو الأخوة الكبار وممن يؤلفون البيئة الاجتماعية من الراشدين، وفي هذه الحالة تصبح استجاباته جافة وجامدة وتكيّفه سلبياً. وغالباً تكون تصرفات الطفل العنيد مشحونة بالتحدي، وقد لا يقوى على التحكم في طبعه، ويرجع السبب الى الاضطراب الانفعالي عنده والى الصلة المضطربة بينه وبين أبويه، فالطفل حين لا تكون حاجاته مضمونة ومؤمنة يصيبه الإحباط ويلوذ الى العدائية… ومهما كانت العوامل المتسببة في عناد الطفل وسوء طباعه فإن تأثير الجو العائلي الملازم له يكون أشد لا سيما إذا كانت الصلة قائمة مستمرة، فوجود الطفل في حضانة من يخطئ توجيهه وإرشاده يحيل ما هو عليه من تكيف لطيف الى تحد، ويحوّل مودّته الى كراهية. وبدلاً من أن يكون مطيعاً يلوذ الى العناد. والسلبية توجدها عوامل شتى منها: مواجهة أحاسيس الطفل الوجدانية بالسخرية والاعتراض من جانب الكبار، ومواجهة محاولاته للتعبير عما يكونه من صور تتصل بخبراته الحسية بالاهمال، ومثل هذه العلاقة المتناقضة تولّد في نفس الطفل الغضب وتدفعه الى الاصرار على تكرار المحاولة بعناد وتحد.
ميول وطباع الأطفال
